غايات وجودنا في الحياة مختلفة، منها:

الاستخلاف: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...} [البقرة:30]

 

والاستعمار: {..هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا...} [هود:61]

 

والعبادة: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].

 

والتسخير: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً} [الزخرف:32]

 

والتعارف: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات:13]

 

والرحمة - أو الاختلاف -: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ...} [هود:118-119]

 

والتمتع بالزينة والطيبات: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا...} [النحل:14]

 

وهداية الخلق إلى الخالق: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله} [آل عمران:110].

 

وفي كل ما تقدم تبدو ملامح السعادة ابتلاءً: {لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [يونس: 14]، أو جزاءً: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة: 121].

 

بعضهم اختصر الغايات بالعبادة، والتي عرَّفها بعض أهل العلم بأنها: (طاعةٌ طوعية، ممزوجةٌ بمحبةٍ قلبية، أساسها معرفةٌ يقينية، تُفضي إلى سعادةٍ أبدية)، وبذلك يكون ما تفضي إليه العبادة: (السعادة)، والتي هي: (تطابق الحراك مع الإدراك).

 

وقد تفضل الله علينا بجملة من النعم، أولها (الإيجاد)، ثم (الإمداد)، ثم (الهدى والرشاد) الذي هو سبيلنا إلى النعمة الرابعة، وهي نعمة: (الإسعاد)، فقد أنزل الله شريعته ليُسعدنا باستقامتنا عليها في الدنيا: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]، وبجميل ثواب ذلك في الآخرة: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا} [هود: 108].

 

فالسعادة هي نتيجة حتمية للهداية والاستقامة: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123].

ومن عرف مراد الله، والتزم منهجه، بلغ ذروة السعادة، {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء: 147].

 

فالإنسان موجود للسعادة، موجود للرحمة، قال تعالى: {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119]. خلقهم ليرحمهم ويُسعدهم برحمته، {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا} [الروم: 36].

 

والرحمة لا يدرَك كنهها، بل يدرَك أثرها، وهو مركوز في كل ما يمنح الإنسان الطمأنينة والاستقرار والسعادة، {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} [الروم: 50].

 

والله تعالى أعلم.