- بماذا نتحدث في فترة الخطبة؟
- كيف أتعرف على الخاطب بشكل أفضل؟
- ما الأسئلة التي يجب أن أسألها لخطيبتي في اللقاءات الأولى؟
- ماذا نتكلم في أول لقاء؟ أو في لقاءتنا الأولى؟
- ماذا يتكلم الخاطبان بين العقد والعرس؟
عادة ما تردني أمثال هذه الأسئلة قبيل الزيارة الأولى بساعات، أو يوم أو يومين على الأكثر، يحتاج الخاطب أو المخطوبة إلى جواب مستعجل عن سؤال تأخر جداً في طرحه!
بداية: لا ينبغي للخاطب أن يزور بيت الفتاة وليس في خلده أسئلة معينة لها، أو حاجات محددة يبحث عنها فيها، ولا ينبغي للمخطوبة - كذلك - استقبال الخاطب دون أن تعرف ماذا تريد أن تحصل عليه من المعلومات في هذه الزيارة، وإلا كان الأمر مضيَعَة للوقت ومشغَلَة للقلب دونما فائدة، أو تمهيداً لاتخاذ قرار عاطفي انفعالي لا يقوم على أساس من العقلانية والمنطق.
هذه خمس قضايا، خمسة محاور يجب على الخاطبَين أن يتناقشا فيها بين اللقاء الأول والعقد، كذلك بين العقد والعرس، ليحيط كلٌّ منهما بالآخر فهماً، ويصحّح تصوره عن الحياة معه بعد يوم العمر، ولتكون أحاديث الخطبة مخططاً لأحداث الزواج.
هذه الأسئلة تبيِّن لك لماذا يتَّجه شريكك نحو الزواج بك، وقد توضح لك ما اتضح لغيرك بعد سنين عجاف، وربما لم يتضح، ستعرف أن هدفه ليس مجرد الحب والإعجاب؛ بل أشد وأعمق من ذلك.
ملاحظات مهمة قبل طرح الأسئلة:
وقبل أن أذكر الأسئلة أود أن أقف عند بعض الملاحظات المهمة قبل طرح الأسئلة.
الملاحظة الأولى: لا يمكنك أن تفهم الآخر ما لم تفهم نفسك.
الشخص الذي لا يعرف ما يريد هو نفسه لا يمكن أن يعرف ماذا يريد من الطرف الآخر معرفته، والذي لا يفهم نفسه لا يمكنه تقدير مدى ملاءمة الآخر له!
لذلك من المهم أن يجلس الخاطب - أو المخطوبة - مع نفسه جلسة واضحة، معه ورقة وقلم، يثبت ما يريد وما يقبل، وما لا يريد لكنه يقبل، وما لا يريد ولا يمكن أن يقبل...
مثلاً: يريد عمر الفتاة 20 سنة، لا يريدها أصغر من ذلك ولكن يمكن أن يقبل، ولا يريد أن تكون أكبر من 25 ولا يمكن أن يقبل!
يريد الفتاة سيدة بيته، لا يريدها أن تعمل ولكن قد يقبل بشروط معيّنة، ولا يريد لها العمل في ظروف معيَّنة ولا يمكنه أن يقبل.
تريد الفتاة شاباً جامعياً، لا تريد أن يتقدم لها من يحمل مستوى الثانوي ولكن قد تقبل، لا تريد أن يتقدم لها شاب لم يحصل على المستوى المتوسط، ولا يمكن أن تقبل.
تريد شاباً وسيماً، وقد تقبل به إن كان ديّناً أو مسؤولاً ولم يكن وسيماً، لكن لا تريد ولا يمكن أن تقبل بشاب قبيح أيَّاً كانت مزاياه!
الملاحظة الثانية: لا تحصر نفسك في مربع العواطف:
يا شباب، دعونا من الاعتكاف في الجوانب العاطفية والجنسية في فترة الخطبة، دعونا من الأحاديث العشوائية، دعونا من اللغو الفارغ الذي يملاً ما بين النظرات التفقدية؛ ثم الحميمية! كل ذلك سيأتي أوانه، الآن انشغلوا بالمهم قبل أن "تقع الفاس بالراس" وأنتم لا تشعرون؛ لأنكم - ببساطة - تحت تخدير العاطفة أو الشهوة!
هذه المرحلة هي مرحلة التعارف والاستكشاف والتنقيب...، ثم تقليب النظر والرأي والاستشارة والاستخارة، في المضي أو التراجع، وليست مرحلة الإشباع العاطفي والإثارة والتعويض عن أيام الجفاف العاطفي.
الملاحظة الثالثة: لا تكن استخباراتياً
راقب طريقتك في السؤال الذي تودّ معرفة إجابته، احذر أن تعرضه بطريقة المحقق كونان الاستجوابية أو التحقيقية أو المتعالية، فهذا يُخرجه من سياقه وينفّر الطرف الآخر منك، ويضعك في قفص الاتّهام ودائرة الشكّ، نعم، أسلوبك قد يتأثر بمضمون السؤال، لكن اجتهد أن تقدّمه بأفضل طريقة ممكنة، وتحصل على أوضح إجابة، دون أن تتكلف أو تظهَر بغير سجيتك، بل اسأل بعفوية وصدق.
الملاحظة الرابعة: خذ وقتك، ولا تكثر الأسئلة:
حضر أسئلتك بشكل مسبَق، واترك لظرف اللقاء أن يتحكم بها، ربما تمكَّنت أن تسأل الأسئلة كلها، بل وأعمق منها، وهذا أمر جيد، لكن ليس بالضرورة أن تسأل الأسئلة كلها، ولا أن يتم التفصيل في إجاباتها في أول لقاء، ربما يأخذك الظرف أو تهمّك تفاصيل الإجابة فتلوي عما عزمت، أو تقرأ في وجه الآخر امتعاضاً من أسئلتك لظرف نفسيٍّ ما، المهم كن خفيفاً ذكياً لمَّاحاً، وحاول أن تسأل بأسلوب مريح مَرِن ولبق.
الملاحظة الخامسة: لا تنتظر أجوبة مثالية:
تذكّر أنك لستَ كاملاً ولا مثالياً، والطرف الآخر كذلك ليس كاملاً ولا مثالياً، فتوقع النقص في الأجوبة، توقع النقص في الحال، في التوقعات المبدئية والصورة الأولية التي رسمتها لشريكك، لكن براعتك تكمن في حُسن قراءة مؤشر النقص، هل انخفض بشكل غير مقبول، أم ما زال النقص محمولاً مقبولاً يمكن التعايش معه.
الملاحظة السادسة: تأكد أنَّ لكل منَّا جانب يستحيل كشفه:
الأسئلة وحدها مع إجاباتها لا تعطيك إلا لمحات عن ظاهر الشخصية وعن الموضوعات التي يدور الحوار في فلكها، ولكنها تحتاج إلى ما يسندها من سؤال الأهل والأصحاب، وربما كثرة التردد والجلسات، ومع كل الاجتهاد والتحري لن تصل إلى معرفة الجانب الذي لا يريد الآخر لك معرفته، فلكل منّا جانب لا يعرفه إلا الله، بل وربما لا يعرفه الشخص ذاته في نفسه، ولا يعرفه فيه شريكُه مع طول العشرة.
هل قرأت "الدائرة المربعة" في كتاب "زنزانة.. عادة مدى الحياة؟"
الملاحظة السابعة: هذه الأسئلة ليست للجميع:
هي للشاب والفتاة التي لم يسبق لهما تعلُّق عاطفي، ولم يجتمعا بعد قرار مسبَق بالارتباط، وليست لمن يعتقد بأن الزواج فلسفة إنسانية وكينونة انفعالية تُخلَق بين شخصين تجاذبَا بشكل عفوي وطاقَوي لوجود مشتركات بينهما... لأن هذه الحالات تعني اجتماع كل من الطرفين ومحاولة تعزيز القبول بجمع المفردات الداعمة أو المبررة له.
هذه الأسئلة لشاب دلَّه أحد ما إلى أسرةٍ ما، أو جمعته ظروف ما بفتاة ما، وكذلك هي لفتاة فتحت بابها لشاب لا تعرف عنه إلا شيئاً قليلاً، أو لا تعرف عنه شيئاً أبداً، تواصَلَ مع أهلها، أو معَها فأعطَته رقم والدها.. وأرادا أن يجتمعا لينظرا في إمكانية إقامة مشروع زواج مشترك بينهما.
عن ماذا يتحدث الخاطبان؟
أولاً- المحور الشخصي:
1) الأولويات:
من الضروري فهم الأولويات لكل من الطرفين:
- ما أولوياته في هذا الزواج؟
- ما الشيء الذي لا تقبل الفتاة بغيابه من مشروع زواجها المستقبلي؟
- هل العلم بالنسبة لكل منهما أولوية؟
- هل الصحة أولوية؟
- هل العلاقات الاجتماعية لها نفس الدرجة في الأولويات عند كل منهما؟
- هل أولوية الرجل زوجته وأبناؤه أم أسرته الكبيرة وأصدقاؤه؟
- هل أولوية المرأة زوجها وأولادها، أم عمَلها وأخواتها؟
- هل الأولويات مشتركة بين الطرفين؟
- إن لم تكن مشتركة فهل هي محترمة من كل منهما؟
للتذكير: هنا.. مَن حاول معرفة أولويات الآخر قبل أن يعرف أولويات نفسه فقد تورط بفتح هذا الملف!
2) الأهداف:
العبثية في الحياة البشرية مستحيلة، حتى وإن لم يستطع بعض الشباب الإحاطة بأهدافهم، فهذا لا يعني انعدام وجود الهدف.
والأهداف هنا نوعان: أهداف زواجية، وأهداف شخصية، وكلاهما مهم.
أولاً: الأهداف الشخصية:
- هل ينوي - أو تنوي - متابعة الدراسة؟
- ما طموحك المستقبلي وما هدفك في الحياة؟
- ماذا عن طموحاتك المستقبلية في التعلُّم والعمل؟
- ما خطتكَ - أو خطتكِ - لتحقيقه؟
- كيف تؤثر خطتك على حياتك وبرنامجك اليومي؟
ثانياً: الأهداف الزوجية:
أهداف الزواج قد تكون بسيطة، وقد تكون معقَّدة، فإن كانت معقدة تصعب معرفتها، كما يصعب بلوغها.
أهداف الزواج قد تكون مشتركة، وقد تكون مختلفة، وقد تكون مختلفة ومشتركة نسبياً، المهم معرفتها والاستعداد لها والقابلية لتلبيتها.
يلزم معرفة أهداف الطرفين من الزواج للعمل على تحقيقهما معاً ما كانت الأهداف صحيحة، أو تعديل غير الصحيح منها، وإلا فإلغاء الهدف واستبعاده إن لم يمكن تعديله.
3) الطباع الشخصية:
هناك طبع مشترك، وطبع مختلِف لكنه مقبول، لكن ثَمَّ طبع مختلف غير مقبول، يمكن أن يحيل الحياة إلى جحيم في حال تصادم مع تحفُّظات الآخر أو أثَّر على أعلى قائمة أولوياته؛ كأن تكون العلاقات الاجتماعية أولوية عند الزوج فيُبتلى بزوجة طبعها الانطواء ولا تحب أن تزور ولا تُزار!
أو كانت الفتاة لمَّاحة حماسية متحفزة بشكل ناري، وكان الشاب بارداً بروداً قاتلاً في الفهم والحركة!
هذا يجب اكتشافه باكراً قبل أن تتعلق القلوب وتُنسَج الأحلام المشتركة.
وهنا نقترح بعض الأسئلة: طبعاً: لا يتم السؤال بشكل مباشر فجّ أو استخباراتي، إنما بالطريقة المناسبة للظرف والطرف الآخر، المهم: الوصول إلى إجابة.
- هل تحبّ أن تخبرني عن أبرز طباعك.
- هل أنت كتوم متحفظ عموماً؟ أم تلقائي ومحاور؟
- هل أنت مرن في التعامل عموماً أم حادّ؟
- بشكل عام هل يغلب عليك المرح أم الجديَّة؟ وكيف تعرف ذلك؟
- هل تغار؟ هل تحب وجود الغيرة في الحياة الزوجية؟ وكيف تتعامل مع هذه الغيرة؟
- ما الأمور التي تعتبرها شخصية ولا نقبل أن يتدخل بها أحد؟
- ما الشيء الذي تتميز به في حياتك برأيك؟
- ما هي نقاط ضعفك؟ وما أسبابها برأيك؟ وهل تعمل على تقويتها؟
- هل تعتقد أن لديك عيوباً تود أن تغيرها؟
- هل تتقبَّل النقد والحوار؟ وكيف تعرف ذلك؟
- هل تتقبل التغيير بسهولة؟ وتتعود على الجديد بسهولة؟
- هل تجد مشكلة كبيرة في الابتعاد عن الأهل والأصدقاء والروتين الحياتي؟
4) السمات الحياتية:
وهذه من أهم المحاور؛ لأنها تبرز الخط العام للحياة، والمسار الحالي والمستقبلي لكلا الشريكين، كون كل منهما يتأثر بالآخر.
- هل لديك أوقات فراغ؟ كيف تقضيها؟
- كيف تغتنم وقتك في التنقُّل أو الانتظار في مكان عام؟
- هل تتابع التلفاز بشكل يومي؟ ماذا تتابع؟
- ما عاداتك في التعامل مع الهاتف الجوال وبرامج التواصل الاجتماعي؟ هل له أوقات محددة في برنامجك اليومي؟
- ما هواياتك؟ وكيف تروِّح عن نفسك حين تملّ؟!
- هل لك نشاط خيري أو تطوعي؟
- هل تستمع إلى الموسيقى؟ لماذا؟ وماذا تستمع؟
5) الفوارق والمشتركات:
بقدر ما يحيط كلٌّ من الخاطبين بالفوارق والمشتركات بقدر ما يعي الاختلافات ويتنبَّأ بالخلافات، سواء كانت الفوارق والمشتركات آنية أو قديمة، ذاتية أو اجتماعية، دينية أو علمية...
فلا يمكن للزوجين أن يتقاربا دون وجود مشتركات مقبولة نسبياً، وفوارق محتملة نسبياً، لكن لو كانت المشتركات دون النسبة المقبولة فهذا نذير طلاق عاطفي مستقبلاً، وإن كانت الفوارق كثيرة فهذا نذير خرس زوجي ونفور حياتي مشترك.
من الجيد أن يعي كل منهما الخطوط الحمراء عند الآخر، والتي غالباً ما تتعلق بالنشأة وطبيعة الظروف النفسية والتربوية والاجتماعية، لذلك يحتاج كل منهما بعض المعلومات عن تاريخ الآخر.
وكلما كانت المشتركات أكثر بينهما، يمكن أن نتنبأ بنجاح هذه العلاقة وطول عمرها.
يمكن معرفة المشتركات والفوارق بدءاً من الصورة العامة التي يعرفها كل من الطرفين عن الآخر في البدايات، وانتهاء بخلاصات نتائج الأسئلة السابقة واللاحقة.
هذه أمور خمسة تتمحور حول المحور الشخصي، تعين كلاً من الخاطبين على معرفة جانب من الآخر.
ما يزال هناك محاور وأسئلة أخرى، نعرضها في مقالات لاحقة بحول الله.