جرت عادة كثير من الناس يوم عرفة أن يملأ اليوم بنشاطات تستهلكه على غير ما أريد له، فبين منغمس في التسوق، إلى غارق في النوم بسبب الصيام وكونه غالباً يوم إجازة، وثالث مشغول في خدمة أضحيته وتنظيف مكانها وسقايتها وعلفها وحتى نزهتها، أو بتحضير ما يحتاجه الذبح والشواء من معدات ومواد... ينقضي يوم عرفة كأي يوم اجتماعي، له طقوسه ومشاغله ومستنزفاته، في غفلة عن فضله وأهله وفرصة النجاة فيه.

وقد تحدثنا في مقال: (فضل يوم عرفة) عن أهمية هذا اليوم ومحوريته في أيام الله، لكن كيف يمكن للمسلم - غير الحاج - أن يغتنم هذا اليوم بشكل أفضل؟ 

 

هذا برنامج مقترح ليوم عرفة، يحوي عبادات متنوعة يمكن للمسلم أن يغنمها في هذا اليوم العظيم:

1. صلاة المغرب والعشاء في جماعة ليلة عرفة (أي: يوم التروية 8 ذي الحجة، فعنده يبدأ يوم عرفة)، ثم النوم باكراً.

2. الاستيقاظ قبل الفجر للتهجد، فليل عرفة إحدى الليالي العشر التي أقسم الله بها، والتي يعدل قيامها قيام ليلة القدر كما جاء في الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ أيامٍ أحَبُّ إلى الله أن يُتعبَّدَ له فيها من عَشْرِ ذي الحجِّة، يَعْدِلُ صيامُ كل يومٍ منها بصيام سنة، وقيامُ كلِّ ليلة منها بقيام لَيْلةِ القَدْر» [أخرجه التِّرمذي].

3. السحور للصيام، فقد « كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم ‌يَصُوُم ‌تسعَ ‌ذي ‌الحجة، ويَوْمَ عاشوراء، وثلاثةَ أيامٍ من كُلِّ شهرٍ: أولَ اثنين من الشهر، والخميسَ والخَميسَ» [أخرجه أبو داود وأحمد]. وقال صلى الله عليه وسلم: «صيامُ يوم عرفة؛ أحتسب على الله أن يُكفِّر السَّنةَ التي قبله، والسَّنة التي بعده» [رواه مسلم]، وهذا الصيام مندوبٌ لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة.

4. صلاة الفجر يوم عرفة في جماعة، وكذا يحرص المسلم على الصلوات الخمس في جماعة.

5. الجلوس بعد الفجر حتى شروق الشمس: يقرأ القرآن، وأذكار الصباح، ويجتهد بالتكبير، والتلبية، ثم صلاة الضحى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله ‌حتى ‌تطلع ‌الشمس، ثم صلى ركعتين؛ كانت له كأجر حجة وعمرة» [أخرجه الترمذي].

6. غُسل يوم عرفة: فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كان يستحب الغسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم الجمعة ويوم عرفة. [فضل عشر ذي الحجة للطبراني].

7. الإكثار من الذكر سائر النهار، وخاصة التكبير: فقد (كان ابن عمر، وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر، يكبران ويكبِّر الناس ‌بتكبيرهما) [أخرجه البخاري تعليقاً] هذا مطلقاً، وكذا عقب الصلوات المفروضة والنافلة كما نقل عن جمع من أهل العلم.

8. الإكثار من الدعاء: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «‌خير ‌الدعاء دعاء يوم ‌عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» [أخرجه الترمذي].

ولعل أفضل الدعاء سؤال الله العتق من النار، لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما ‌من ‌يوم ‌أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة. فيقول: ما أراد هؤلاء؟!» [مسلم]

وروى الترمذي بإسناد ليس بالقوي عن علي بن أبي طالب، قال: أكثر ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية ‌عرفة في الموقف: «‌اللهم ‌لك ‌الحمد ‌كالذي ‌نقول وخيرا مما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي، وإليك مآبي، ولك رب تراثي، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الأمر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يجيء به الريح» [أخرجه الترمذي].

9. التفرغ للعبادة بين العصر والمغرب، وهذا ما عرفت عليه جمعاً من أهل العلم، عسى أن يوافق الدعاء دعاء الحجيج فيلحقنا الله بهم، ويغفر لنا معم، ويعتق رقابنا فيمن عتق.

10. أذكار المساء المأثورات قبيل المغرب، ثم الدعاء عند الإفطار.

أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح العمل 

ويكتبنا جميعاً في وفده وضيفه

وكل عام وأنتم بخير