ما أجملَ أن يتذاكرَ المـُحبُّون سيرةَ حبيبِهم، ويستَحضِروا اشتياقَهم إليه، ويعكُفوا على الحديثِ عنه وعلَيه، ويتمايَلوا طرباً بغرامِه والحُبِّ لديه، إذا ما أوقدت في قلوبهم جذوة محبته أنيناً وحنيناً.

قد تضيع الكلمات، وتتلعثم الأفواه، وتُعقل الألسنة، إذا ما رام المرء حديثاً عن نبيٍّ تفرد النبي بالكمال البشري، وجمع الجمال الروحي إلى الجمال الجسدي، فتلألأ كل في موضعه، وكان تماماً وكمالاً للسابقين، وأسوة ودرساً للاحقين!

في عامِ الفيل، في شهرِ ربيعٍ الأنوَر، في الثاني عشَر منه، في صبيحةِ الإثنين، في شِعب بني هاشم بمكَّة..

ولِدَ الهدى فالكائناتُ ضياءُ
والروحُ والملأُ الملائكُ حولَه

 

وفمُ الزمانِ تبسمٌ وثناء
للدينِ والدنيا بهِ بُشْرَاء

 

روى ابنُ سعدٍ أنَّ أمَّ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالت: لما ولدتُه خرجَ منِّي نورٌ أضاءَتْ له قصورُ الشامِ، ثمَّ أرسلَتْ أمُّه إلى جدِّه عبدِ المطلبِ تبشِّرُه بحفيدِه، فجاءَ مستبشِراً ودخَلَ به الكعبةَ، ودعا اللهَ وشكرَ له، واختارَ له اسمَ: "محمدٍ"، والذي لم يَكن معروفاً في العربِ حينَها، وختَنَه يومَ سابِعِه كمَا كانَ العربُ يفعَلون.

 

تجلى حينها الاحتفال بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم يومَ ولادتِه في وجوه:

 

- أولها: إيواءٌ إلهي..

فقد طافَت العنايةُ الربانيةُ بالحبيبِ، ليذكرَ القرآنُ الكريمُ امتنانَ الجليلِ عليهِ بقوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى} [الضحى:6]

ومن جميلِ ما وردَ في تفسيرِها قولُ مجاهدٍ رحمه الله: {يَتيمَاً} هو مِن قولِ العربِ: درَّةٌ يتيمةٌ، إذا لم يكن لها مِثلٌ، فمجازُ الآية: ألم يَجدكَ واحداً في شرفِكَ لا نظيرَ لك، فآواكَ الله بأصحابٍ يَحفظونَك ويحوطونَك. [القرطبي]

 

- ثانيها: استنفارٌ عائليٌّ..

لما وُلدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، جاءَه عبدُ المطَّلب، فأخذَه وقبَّلَه، ثُمَّ دفعَه إلى أبي طالب، فقالَ: هو وديعتي عندَك، ليكوننَّ لابني هذا شأنٌ، ثُمَّ أمرَ فنُحِرَت الجزائرُ، وذُبِحَت الشَّاء، وأُطعِمَ أهلُ مكَّة ثلاثاً، ثُمَّ نَحرَ في كلِّ شِعبٍ من شِعابِ مكة جزوراً، لا يُمنَعُ منه إنسانٌ، ولا سبعٌ، ولا طائرٌ. [دلائلِ النبوَّة].

 

فلذلك قال أبو طالب:

ونُطعِم حتَّى تأكلُ الطيرُ فضلَنا
 

 

إذا جُعلت أيدي المنيضين ترعد
 

 

- ثالثها: حنان الأمومة..

نعم، ولد النبيُّ صلى الله عليه وسلم يتيماً، وفقد أمَّه بعد الخامسة من عمره، لكن التعويض الإلهي كان عظيماً، لمعت أولُ بوارقه حينما وفدَت ثويبةُ الأسلميةُ رضيَ الله عنهَا -وكانت أمةً لأبي لهب- لتبشرَه بولادةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأعتقُها من فورِه فرَحاً بالقادِمِ الحبيب، ليكون رسول الله صلى الله عليه وسلم لها فألَ خير ووجه خير وذكرى طيِّبة، تدعوها لرعايته والعناية به، ويزيدُ الله تشريفَها بإرضاعِه صلى الله عليه وسلم، فقد قال: «أرضعَتْني وأبا سلمةَ ثويبةُ» [متفق عليه].

 

وامتدَّ هذا الشَّرفُ، لتنالَ منهُ حليمةُ بنتُ أبي ذؤيبٍ السَّعديَّة -أمُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعَتْه- إذ تُحدِّثُ كما نقَل ابنُ إسحاق:

قَدِمنَا مكةَ نلتمِسُ الرُّضَعاء، فما منَّا امرأةٌ إلا وقد عُرِضَ عليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فتأباهُ إذا قيلَ لها: إنه يتيمٌ، وكذلك أنَا، إنما كنَّا نرجو المعروفَ من أبي الصَّبي، فكنَّا نقولُ: يتيمٌ؟! وما عسَى أن تصنَع أمُّه وجدُّه؟!

فكنَّا نكرَهه لذلك، فما بقيَتْ امرأة قدِمَت معي إلا أخذَتْ رضيعاً غيري، فلمَّا أجمعنَا الانطلاق قلتُ لصاحبي: والله إني لأكرَه أن أرجعَ من بينِ صواحبي ولم آخذْ رضيعاً، والله لأذهبنَّ إلى ذلكَ اليتيم فلآخذنَّه، قال: لا عليكِ أن تفعلِي، عسى اللهُ أنْ يَجعلَ لنا فيهِ بركةُ، قالت: فذهبتُ إليهِ فأخذتُه.

قالتْ: فلمَّا أخَذتُه رجعتُ به إلى رحْلِي، فلمَّا وضعتُه في حِجري أقبلَ عليه ثديَاي بِما شاءَ من لبَن، فشرِب حتَّى رويَ، وشربَ معهُ أخُوه حتَّى رويَ، ثُمَّ نامَا، وما كنَّا ننامُ معَه قبلَ ذلك، وقامَ زوجي إلى شارِفِنا تلكَ [والشارف: الناقة المسنة] فإذا إنَّها لحافِل، فحلَب منها ما شربَ وشربتُ معَه حتَّى انتَهينا ريَّاً وشِبَعاً، فبتنَا بخيرِ ليلة.

 

قالت: يقولُ صاحبي حينَ أصبحنَا: تعلَمي؟! واللهِ يا حليمةُ لقدْ أخذتِ نسمةً مباركةً، قالت: فقلتُ: والله إني لأرجو ذلك.

قالتْ: ثُمَّ خرجنَا وركبتُ أتاني، وحمَلتُه عليها معي، فوالله لقطعتُ بالركبِ ما يقدرُ عليها شيءٌ من حمُرهم، حتَّى إن صواحبي ليقلنَ لي: يا ابنةَ أبي ذؤيب، ويحَك، أربِعي علينا [أي ارفقي واقتصري]، أليسَت هذه أتانُك التي كنتِ خرجتِ عليها؟ فأقولُ لهنَّ: بلى، واللهِ إنها لهيَ هيَ، فيقلْنَ: والله إنَّ لها لشأناً!

قالت: ثُمَّ قدِمنا منازلَنا من بلاد بني سَعد، وما أعلَم أرضاً من أرضِ الله أجدبَ منها، فكانت غنمي تروحُ عليَّ -حينَ قدِمنا به معنا- شباعاً لبناً، فنحلِب ونشرَب، وما يحلِبُ إنسانٌ قطرةَ لبنٍ ولا يجدْها في ضرعٍ، حتَّى كانَ الحاضرون من قومِنا يقولون لرُعيانهم: ويلَكم، اسرَحُوا حيثُ يسرحُ راعي بنتِ أبي ذؤيب، فتروحُ أغنامُهم جياعاً ما تبضُّ بقطرةِ لبن، وتروحُ غنمي شباعاً لبناً، فلم نزَلْ نتعرفُ من اللهِ الزيادةَ والخيرَ حتَّى مضَت سنتَاه وفَصَلتُه، وكانَ يَشِبُّ شباباً لا يَشِبُّه الغلمان، فلم يبلُغ سنتَيه حتَّى كانَ غلاماً جَفراً).

 

ولسائل أن يسأل: لماذا لم تُرضِعه أمُّه؟

كانَ من عادةِ كبراءِ العربِ إرسالُ أبنائهم إلى بني سعدٍ لحرصِهم على تعليمِهم الفَصاحَةَ، وإقصائِهم عن وباءِ مكة.

فقد أخرجَ ابنُ سعد في الطبقات قال: (مكثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عندَهم سنتينِ حتَّى فُطِم، وكأنَّه ابنُ أربعِ سنينَ، فقَدِموا به على أمِّه زائرين لها، وأخبرَتْها حليمةُ خبَرَه، وما رأوا من بركَته، فقالت آمنةُ: ارجعي بابني، فإنّي أخافُ عليه وباءَ مكّة، فوالله ليكوننَّ له شأنٌ، فرجَعَت به،... ثُمَّ قدِمَت به إلى أمِّه لتردَّه وهو ابنُ خمسِ سنين).

 

نعم، لقد وُلدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلمَ لعائلةٍ ذاتِ تجارةٍ وسيادةٍ ومكانةٍ، لكنَّ يُتمَه كانَ رادَّاً للمرضعاتِ اللواتي كنَّ يأتينَ للإرضاعِ بالأجرةِ، ولقد خشيَت المرضِعاتُ أن لا يَحصُلنَ على الأجرِ مِن يتيمٍ، ولكنَّ الذي جَرى كانَ على عكسِ تصوراتهنَّ، فلقد خَرَجَتْ حليمةُ بأعظمِ أجر.

 

قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلَّم: «كانَ هذا الحيُّ من بني سَعد بنِ هوازن ينتابُونَ نساءَ أهلِ مكَّة، فيَحضنونَ أولادَهم، وينتفعونَ بخَيرِهم...، وكانت فيهنَّ امرأةٌ يقالُ لها: أمُّ كبشَة بنتُ الحارثِ، فأخذَتْني وألقَتْني على صدرِها، فدَرَّ لبنُها، فحضنَتني، فلمَّا بلغَ ذلكَ عمِّي أبا طالبٍ أقطَعَها إبلاً ومقطعاتٍ من الثيابِ، ولم يبقَ عمٌّ من عمومتي إلا أقطَعَها وكسَاها» [ابن عساكر]

ولم يقتصِر الأمرُ الإلهيُّ على العنايةِ بهذا النبيِّ بهاتينِ المرضعتينِ الكريمتين (حليمة وثويبة)، بل هيَّأ الله لهُ أمَّ أيمن -واسْمُها بركة- وكانت وَصيفةً [أي أمة] لعبدِ المطَّلبِ، وكانت مِنَ الحبشةِ، فحضَنَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وكانتْ تتلطَّفُ به وتقومُ عليه، حتَّى كَبرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأعتَقَها، ثُمَّ أنكَحَها زيدَ بن حارثَة، ثُمَّ توفيَت بعدَ ما تُوفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِخمسةِ أشهر). [مسلم]

 

إنا إذا ما أردْنا استفاضةً عن مولدِه الشريفِ والعنايةِ الإلهيةِ بهِ صلى الله عليه وسلم طالَ بنا المطافُ، ولكنِّي في هذه الوقفة مع المولدِ النبويِّ أحِبُّ أن أقفَ وقفةً، لنتأمَّل جانباً من جوانبِ الوفاءِ النبويِّ لهؤلاءِ السيداتِ اللواتي سخَّرهنَّ الله تعالى لرعايةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

 

ونستطيعُ القول إنَّ أهمهنَّ أربعة:

1- ثويبةُ الأسلميَّة: لقد نالتْ بالبِشارةِ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أقصى حلم يمكنُ للعبدِ المملوكِ أن يحلمَ به، وهو الحريَّة، وهذه بوادرُ بركةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عليها..

 

2- حليمةُ السَّعدية: لقد فاجأَتْها بوادرُ البركةِ مطلِعَها من مكَّة، وأكرمَها عمومَةُ النبيِّ بالأعطيات والإقطاعات والثِّياب، ثم تابعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم شُكرَها وردَّ معروفها بأربعين شاةً وبعيراً قدَّمها زمنَ خديجة، وأعطياتٍ جليلاتٍ يومَ حنين، وأكرمَ من أجلِها أخاه من الرَّضاع بردِّ السَّبي يومَ هوازن.

 

3- حاضنتُه بركَة الحبشيَّة: وكانت بركة الحبشية -أمُّ أيْمن- مِمَّا ورثَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أبيه، وقامَتْ على رعايتِه، فأعتقَها، وزوَّجها زيدَ بن حارثة رضيَ الله عنه حِبَّ رسولِ الله، فولَدَت لهُ أسامةَ بنَ زيدٍ الحِبَّ ابنَ الحِبِّ رضي الله عنهما.

ومن إكرامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها ما روى أنسُ بنُ مالك رضي الله عنه قال: (لـمَّا قَدِمَ المهاجرون من مكةَ إلى المدينة، قَدِمُوا وليس بأيديهم شيءٌ، وكانت الأنصارُ أهلَ الأَرضِ والعقارِ، فقاسَمَهم الأنصارُ على أَن أعطوْهم أَنصافَ ثمارِ أموالهم كلَّ عامٍ، ويَكْفُونَهم العملَ والمؤونة، وكانت أمُّ أَنس بن مالك أعطَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عِذاقاً لها، فأعطاها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمَّ أيمن مَولاتَه، فلمَّا فرَغَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من قتالِ أهلِ خَيبَر وانصرفَ إلى المدينةِ رَدَّ المهاجرونَ إلى الأنصارِ منائحَهُم التي كانوا مَنَحُوهم من ثِمارِهم، قال: فَردَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى أُمِّي عِذَاقَها، وأَعطى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمَّ أيمنَ مكانَهُنَّ من حائطِه). وفي روايةٍ: وإن أَهلي أَمروني أنْ آتيَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأسأَله ما كانَ أَهلُه أعطَوْه، أو بعضَه، وكانَ نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد أعطاهُ أمَّ أيمنَ، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأعطانيهنَّ، فجاءتْ أُمُّ أيمن فجَعَلتْ الثوبَ في عُنُقي، وقالت: والله لا يُعطيكهُنَّ وقد أعطانِيهنَّ، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يا أُمَّ أيْمن، اتركيه ولكِ كذا وكذا»، وتقولُ: كلاَّ، والله الذي لا إلهَ إلا هُو، فجعلَ يقول: كذا...، حتَّى أعطاهَا عشرةَ أمثالِه، أَو قريباً مِن عشرةِ أمثالِه). [البخاري]

 

4- فاطمةُ بنتُ أسَد: زوجةُ عمِّه أبي طالب وأمُّ عليٍّ رضي الله عنه، والَّتي رعَتهُ صلى الله عليه وسلم رعايةَ الأمِّ لولدِها، ولما ماتَت فاطمةُ بنتُ أسَد دخَل عليهَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فجلَسَ عندَ رأسِها، فقال: «رَحِمَك الله يا أمِّي، كنتِ أمِّي بَعدَ أمِّي، تَجوعينَ وتُشبِعيني، وتَعرِين وتَكسيني، وتَمنعينَ نفسَك طَيباً وتُطعِميني، تريدينَ بذلكَ وجهَ اللهِ والدارَ الآخِرة».

 

ثُمَّ أمَرَ أنْ تُغسَل ثلاثاً، فلمَّا بلغَ الماءُ الذي فيهِ الكافور سكبَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيدِه، ثُمَّ خلَعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قميصَه فألبَسَها إيَّاه، وكفَّنَها ببُردٍ فوقَه، ثُمَّ دعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أسامةَ بنَ زيدٍ وأبا أيوبٍ الأنصاريَّ وعمرَ بنَ الخطابِ وغلاماً أسود يحفرون، فحفَروا قبرَها، فلمَّا بلغُوا اللحدَ حفَرَه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم بيدِه، وأخرجَ ترابَه بيدِه، فلمَّا فرَغ دخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاضطَجَعَ فيه، فقالَ: «اللهُ الَّذي يُحيي ويُميتُ، وهوَ حيٌّ لا يَموت، اغفِر لأمِّي فاطمةَ بنتِ أسَد، ولقِّنْها حُجَّتها، ووسِّعْ عليها مُدخَلها بِحقِّ نبيِّك والأنبياءِ الذينَ مِن قَبلي، فإنَّك أرحمُ الراحِمين». وكبَّر عليها أربعاً، وأدخَلوها اللحدَ هو والعباسُ وأبو بكر الصِّديق رضيَ الله عنهم.

 

أحبَبتُ في هذا اللقاء أن أقفَ معكُم وقفةً نسلِّطُ في مولدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الضوءَ على وفائِه صلى الله عليه وسلم لمن اعتَنى بهِ في هذهِ المناسبة، ومدَّ لهُ يدَ الرِّعايةِ والعَطفِ والحنان، تعليماً لنا بإكرامِ أهلِ الفضلِ أسوةً بسيدِ أهلِ الفضلِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

 

ختاماً: يقولُ الحافظُ السَّخاوي: (ولا زالَ أهلُ الإسلامِ في سائرِ الأقطارِ، والمدنِ الكبار، يحتفلونَ في شهرِ مولدِه صلى الله عليه وسلم بعملِ الولائمِ البديعةِ... ويتصدَّقون في لياليهِ بأنواعِ الصَّدقاتِ، ويُظهِرون السُّرور، ويَزيدونَ في المبرَّاتِ، ويَظهَرُ عليهم مِن بركاتِه صلى الله عليه وسلم كلُّ فضلٍ عَميم).

وقال الحافظُ ابنُ كثير: (كانَ الملكُ المظفَّرُ أبو سعيدٍ يعمل المولدَ الشَّريفَ في ربيعٍ الأوَّل، ويحتفِلُ به احتفالاً هائلاً، وقيل: إنَّه كان يُنفِقُ على المولد ثلاثَمائةِ ألفِ دينار...).

واعلمْ بأنَّ مَن أحبَّ أحمَدا
 

 

لابدَّ أنْ يهوَى اسمَه مردَّدا
 

 

لذاكَ أهلُ العِلمِ سنُّوا المولِدا
 

 

مِن بَعدِه فكانَ أمراً رَشَدا
 

 

 

أرضَى الوَرى إلا غُلاةَ نجدِ
 

 

 

كمْ جمَّعوا في حبِّه الجُموعَا
 

 

وفرَّقُوا في حبِّه المجمُوعا
 

 

وزيَّنوا الدِّيار والرُّبوعَا
 

 

وأكثَروا الأضواءَ والشُّموعا
 

 

 

وطيَّبوا الكلَّ بعَرْفِ الندِّ
 

 

 

وفرِحُوا بذكرِه وطَرِبوا
 

 

وأكَلوا عَلى اسمِه وشرِبوا
 

 

وابتهَلوا لربِّهم وطَلبوا
 

 

واستشفَعوا لهُ بهِ وانتَسبوا
 

 

 

معتقدينَ نيلَ كلِّ قَصدِ
 

 

 

كَم عمَّر اللهُ بهِ الدِّيارا
 

 

ويسَّر السُّرورَ واليَسارا
 

 

إذ بذَلوا الدِّرهمَ والدِّينارا
 

 

وذَكرُوا الرَّحمن والمختارا
 

 

 

بينَ صلاةٍ ودُعا وحَمدِ
 

 

 

يا هل تُرَى هذا يسوءُ أحمدا
 

 

أمْ هَل تُراه ليسَ يُرضي الصَّمدا
 

فدتكَ نفسي اعمَل ولا تخشَ الرَّدى
 

 

وكرِّر المولدَ ثمَّ المولدَا
 

 

 

تعِش سعيداً وتمُت في سعدِ
 

 

 

 

وابتعاداً عن البدَعِ التي تحصلُ في المولدِ والخرافاتِ التي يقترفُها البعضُ تعالَوا نصحِّحِ المسارَ لنغتَنم المولدَ بمساعدةِ إخوانِنا اللاجئينَ والمهجَّرينَ والأيتام، حتى تقرَّ عين نبينا صلى الله عليه وسلم بمن يجبر خاطر أمته.

كل عام وأنتم بخير

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته