كيف يصلح الرجل بينه وبين زوجته بعد الضرب؟
1001 - السلام عليكم ورحمة الله
كيف يصلح الرجل ما فسد بينه وبين زوجته نتيجة الضرب، حتى خرجت الزوجة من بيتها؟
هو يحبها، ويحاول مصالحتها، ويعدها أنه لن يعود لضربها، لكنها لا تصدق!!
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أهلاً بك أخي في موقعك، ونسأل الله تعالى أن يقسم لك فيه الخير وللمسلمين.
بداية أخي الكريم:
إن الحياة الزوجية هي سكن للزوجين، ولا تستقيم إلا بالمودة والرحمة التي ضمنها الله بينهما بقوله سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]، ووجود هذه المودة والرحمة هو الأصل، وافتقادها هو الاستثناء، فهي لا تزول إلا بخطأ من أحد الزوجين أوكلاهما، فهماً، أو سلوكاً.
نعم، إن الحياة بما فيها من تبعات وهموم لا تخلو من كدر، فإذا ما هبَّت ريح الحياة بما يعكر صفو الحياة الزوجية فعلى كل من الزوجين أن يلين مع صاحبه حتى يصلا إلى شاطئ النجاة.
وبالمحبة والرحمة والحوار القائم على الاحترام المتبادل من الطرفين تكون السعادة الحقيقية ولن يكون هناك ما يدعو إلى الشقاق.
وما أجمل ما علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «إن الله تعالى رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف» [أخرجه مسلم].
لكن بعض الرجال يقعون تحت بعض الضغوط النفسية والمجتمعية الصحيحة أو الواهمة، فيضربون زوجاتهم في لحظة الخصام، وراجع إن شئت بحث "العنف ضد المرأة" المنشور على موقعنا.
لكن الأكيد في الأمر أن عدداً من الرجال يضربون زوجاتهم في لحظة غضب، وهذا لا يعني أنهم يكرهونهنَّ، وهذا ما على المرأة أن تضع في حسبانها قبل اتخاذها أي قرار بخصوص زوجها وأسرتها.
لكني أتوجه لك أخي الكريم ولكل زوج ضرب زوجته بهذه الكلمات:
1) اعتذر من زوجتك بصراحة، ووضوح وقوة، وأعلمها أنك تعي بأنك أخطأت، وقل لها إن لها الحق أن لا تقبل اعتذارك، لكنك تأمل أن تكون العشرة بينكما وما عهدته من طيب نفسها ونضرة حبها وسعة قلبها شفيعاً ودافعاً للبدء من جديد.
2) أعِد النظر في نفسك، تعرف على الأسباب التي دعتك لضرب زوجتك، درِّب نفسك على كظم الغيظ، واقرأ عن طرق التحكم بالذات عند الغضب.
3) قد تمتنع الزوجة عن الرجوع إلى البيت لعدم الثقة بجديتك في التغيير، والتوجس خيفة من عودة المياه إلى مجاريها بعد التراضي، فاغتنم العلاقة الطيبة بينك وبين أهل زوجتك، وشاركها بالأفكار التي تستخلصها من القراءة في هذا الموضوع، أرسل لها روابط لمقالات تتحدث عن علاج الغضب، وذم ضرب الزوجة، واذكر أهم الأفكار التي استخلصتها من المقال، بثها إليها مع الندم على ما كان، لكن مع الحذر أن لا تنكأ جرحها، إنما بتسليط الضوء على الحديث عن طرق العلاج وسعيك في اكتسابها، وبعبارة أخرى: يجب أن تقتنع زوجتك أنك جاد في السعي لتغيير ذاتك ومعالجة سلوكك من أجلها ومن أجل أسرتك وولدك، ومن أجل ربك قبل كل ذلك، وأنك تستغفر ربك عما كان، وتطلب رضا زوجتك وتعتذر إليها.
4) أكِّد لها -صادقاً- أنك لن تعود إلى ما كان منك نحوها، وقل لها أنك تحبها ، وتثق بحبها لك -ولو أنكرته هي حالياً-، ومع ذلك افتح لها أفق الخيارات التي تريحها لتضمن عدم عودتك إلى الضرب، واطلب أن تقترح -هي- الآلية والشروط التي تراها مناسبة لضمان ذلك.
5) أكثر من الحوار بينك وبين زوجتك، ناقشها، راجعها، استعطفها، حدِّثها عن حاجتك إليها بقربك، وقسوة الحياة عليك في غيابها، وركز في الحديث معها على النقاط التي تلتقي بها معك، والمواضيع التي تحب هي الكلام عنها، وتذاكرا أجمل لحظات مرت بينكما في الفترة الماضية، واستحضر لها أجمل النظرات وألطف العبارات وأطرف المواقف التي مرت بكما، اشدد عزيمتها، وأعلمها بأنها قادرة على البدء من جديد، وذكِّرها بالله، وأنه كما لا يرضى من الزوج أن يضرب زوجته، لا يرضى من المرأة أن تهاجر فراش زوجها، وتدير ظهرها لأسرتها مع علمها أن زوجها يسعى إلى الحل ويريد الصلح، ذكرها بأن الخطأ لا يعالج بالخطأ، وأنك مجتهد في إصلاح ما كان منك فلتساعدك بدورها على ذلك، فاقترح أن تفتحا صفحة جديدة، ولكن تذكر دائماً: قل ذلك برفق ولطف ولين، ولا تسمح لتمنُّعها أن يستثيرك وينقلك إلى قوس القاضي عن عطف الطبيب، واستغل ذلك منها لتتدرب على كظم غيظك وتثبت لها جديتك في ذلك، ولا بأس بتنبيهها بعد الاتصال إلى استيعابك لها واحتمالك لكلامها في معرض المزاح والاستلطاف.
6) حاول أن تتفنن بالإحسان إلى زوجتك، أرسل لها هدية بطريقة ما، فـ {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]، «تهادوا تحابُّوا، فإن الهدية تُذهِب وَحَرَ الصَّدر» [الحاكم والطبراني]
7) خذ درساً مما سبق، وعاهد نفسك على عدم تكراره، وتذكر أن لكل من الزوجين حسنة على الآخر، لا يصح إلقاؤها في غضبة عابرة، وقف مع ذاتك بصراحة ووضوح، وبيِّن لنفسك مدى الفجوة الموجودة بينك وبين زوجتك والتي أربكتك وحالت دون وصولك -مع قربك من زوجتك- إلى طريقة تجدد فيها الود بينكما وتمسح على الجرح.
8) التجئ إلى ربك، فهو المالك لقلب زوجتك، وهو مقلب القلوب ومثبتها، وهو المتكفل بوضع القبول لك في الأرض ما أحسنت الصلة به، «إذا أحب الله العبد نادى جبريلَ: إن الله يحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض» [متفق عليه]
فأقبل عليه، وتذلل لديه، وأظهر الندم بين يديه، وأكثر من الأعمال الصالحة، {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]، وادعه واضرع: (اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين).
هذه خطوات سريعة، ونأمل أن تطمئننا عن حالك، وتبشرنا بزوال همك وانجلاء كربك قريباً.
والله تعالى أعلم