مداخلة الدكتور أحمد رباح، بعنوان: 

"برامج تأهيل المقبلين على الزواج والاستشارات الأسرية، ودعم استدامة الزواج"

 

 

الملحق الثاني: الحل المقترح:

أكاديمية إلكترونية عربية للتأهيل الأسري

 

بعد ذكر الإشكاليات والفرضيات والتجارب السابقة، أذكر الحل الذي أقترحه، وهو متضمن في عنوان مداخلتي: "برامج تأهيل المقبلين على الزواج والاستشارات الأسرية، ودعم استدامة الزواج".

أقترح إنشاء أكاديمية تعليمية تأهيلية إلكترونية دولية، تنتهج التعليم الذاتي، تستخدم برنامج البناء الأسري التربوي بطريقة تفاعلية، وهو برنامج منهجي شامل وعميق، ومقسّم إلى مستويات أقرَب ما تكون إلى المستويات الدراسية (مبتدئ، متقدم، خبير).

يبدأ هذا البرنامج على المستوى العربي بمتابعة كريمة من جامعة الدول العربية، إذ تشرف على تعيين مندوبين من كافة الدول العربية، فتقترح كل دولة أفضل مؤسسة تعمل في التأهيل الأسري لديها، وتحدد فاعلين يكون لهم الدور الأبرز في بلدانهم في سياق التأهيل الأسري، يستقرئون المشاريع الرسمية والخاصة في بلدانهم ضمن اجتماعات تشاورية مع بقية المؤسسات، ثم يقومون بصياغة رؤية متكاملة في مقترح واحد يجمع خلاصة عمل هذه المشاريع.

ثم بعد ذلك؛ وبتنظيم مشترك بين الجامعة العربية ومعهد الدوحة الدولي للأسرة يتم عقد مؤتمر هنا في مصر، يجتمع فيه مندوبو الدول العربية، كل منهم يحمل خلاصة المشاريع الفاعلة في بلده، بحيث يتم عرضها في جلسات وورشات؛ لنجمع الجهود، ونحدد المشتركات ونقاط التوافق، ونبيّن المحاور الرئيسة والفروع التفصيلية والملحقات الإثرائية، ونتدارس النقاط المتعارضة الرئيسية لنقوم بالترجيح بينها، نخلص بعد ذلك إلى رؤية مشتركة لمشروع تأهيلي أسري عربيّ عام، يمكن أن تكون مادته أساساً استرشادياً لشتى الدول العربية، مع تقدير مساحة الاختلافات الفرعية الخاصة بثقافات وعادات كل بلد على حدة، وترك مساحة فنية للشباب المستفيد من البرنامج ومشاريعه؛ ليقوم بإثرائه وتطويره من خلال الاستبانات واستطلاعات الرأي.

 

الرؤية:

مشروع رقمي عربي رائد، يكون مرجعية استرشادية للدول العربية، لصناعة ملاذ شامل وقيّم وفاعل للشباب المقبلين على الزواج في العالم العربي، وتكون له الصدارة في التأهيل الأسري الرقمي.

 

الهدف:

  1. تزويد فئَة الشباب والشابات المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثاً بالوعي اللازم والمهارات الضروريَّة في بناء الحياَة الزوجيَة.
  2. تأهيل الشباب - فكرياً وسلوكياً - وتزويدهم بأدوات تعينهم على تحمُّل أعباء الحياة الزوجيَة، وتجاوز التحدِّيات والعقبات، وإدارَة الخلافات فيها بشكل سليم.
  3. صناعة مجموعة من المدرِّبين المتخصصين والمتمكِّنين في هذا المجال؛ لتوسيع دائرة الشريحة المستفيدة من هذه الأكاديمية.
  4. المساهمة في خفض حالات الطلاق والخلع والعنف الأسري وارتفاع متوسط سن الزواج... وسائر المظاهر المرَضية الموجودة في الأسرة العربية اليوم.

 

الفئة المستفيدة:

  1. الشباب والشابات المقبلون على الزواج.

  2. الشباب والشابات المتزوجون حديثاً.
  3. أصحاب الخبرات السابقة والتجارب السلبية المخفِقة (الخلع والطلاق).
  4. الآباء والأمهات المهتمون بتثقيف ومتابعة أبنائهم الشباب.
  5. العاملون في الوسط التدريبي والتربوي والإرشادي الأسري.

 

المسارات الأكاديمية:

ينقسم برنامج التأهيل في أكاديمية التأهيل الأسري إلى خمس مستويات (مساقات) في ثلاث مسارات:

 

أولاً- مسار المبتدئ:

المستوى الأول:

ويتناول (التأهيل الأسري الصحيح)، وفيه حديث عن التأهيل الأسري الصحيح وأهميته، والجواب على أهم أسئلة الشباب عنه، وأشهرها فيما ظهر لي:

-      السؤال الأول: هل التأهيل ضرورة اليوم؟

-      السؤال الثاني: هل التأهيل ضروري للطرفين معاً (الزوج والزوجة)؟

-      السؤال الثالث: هل التأهيل الأسري كفيل بالتغيير؟

-      السؤال الرابع: إذا كان الزواج قسمة مقدَّرة، فلماذا التأهيل؟ 

-      السؤال الخامس: على من تقع مسؤولية التأهيل الأسري؟

-      السؤال السادس: لكن آباءنا وأجدادنا لم يخضعوا لدورات التأهيل الأسري!

-      السؤال السابع: ألا تغني المحبة والود بين الزوجين عن هذا التعقيد؟

وحديث عن الزواج (حجمه، ودعمه، وحُكمه)، وأهداف الزواج، ومتطلباته، والزواج بين الواقع والتوقعات، وأسس الاختيار الصحيح، وطرق التعرف على شريك الحياة قبل الارتباط، والخطبة بين الأحكام والأعراف، وعقد الزواج، ويوم الزفاف، وأوهام وأخطاء شائعة في الزواج... وغير ذلك.

 

ثانياً- مسار المتقدم:

المستوى الثاني:

ويتناول (السنة الأولى في الحياة الزوجية)، وفيه حديث عن الزواج فيما بعد ليلة العرس، كشهر العسل، وأحداث السنة الأولى، وأهم المعارف والمهارات التي يحتاجها الزوجان في هذه المدة، كالأحكام الفقهية والقانونية الخاصة بالمتزوجين (بشكل إجمالي)، وجملة من الأخلاقيات، والمهارات، والتعامل مع الحقوق والواجبات، وفيه حديث عن أهم ما قد يقع فيه كالحمل، والولادة، والإرضاع.

 

المستوى الثالث:

ويتناول (التعامل مع المشكلات الزوجية)، وطرق فهمها وتشخيصها وخيارات التعامل معها، ويقف عند أهم التحديات المهددة للزواج؛ كالغيرة، والعلاقة بين الحماة والكنة، وتَدَخُّل الأهل، وكذلك أصول إنهاء الزواج عند قرار ذلك.

 

المستوى الرابع:

ويتناول (اقتصاد الأسرة)، وآليات إدارة الاقتصاد المنزلي بشكل تفصيلي.

 

المستوى الخامس: ما بعد الزواج.

ويستهدف الأزواج في مرحلة ما بعد الانفصال؛ ليقدم الدعم النفسي والمعرفي والاجتماعي والتربوي اللازم، ويسهم في تخفيف الصدمات النفسية وتسريع التعافي، ويعين في إدارة المرحلة الحالية، ويجنب الأبناء تبعات الانفصال السلبية بقدر الإمكان، مع تأهيل لكل من الأزواج والزوجات لإعادة قبول الزواج، وبناء حياة جديدة لا تقوم على ردات الفعل المستندة إلى التجربة أو التجارب السابقة.

هذا، ومن ناحية فنية إجرائية؛ يمكن بعد اعتماد المحاور التأهيلية عرضها على الشاب والفتاة ابتداءاً قبل التأهيل ليختار من المحاور ما يعنيه؛ تخفيفاً عليه مما لا يعنيه منها (كأن يكون قد تجاوز مرحلة الاختيار، أو أنه مطلق، أو يسكن مع أسرته الكبيرة... فيكون لهذه الوضعية خصوصيتها بحيث تكون الأولوية لبعض المحاور ويستغني عن بعضها).

 

ثالثاً- مسار الخبير:

المستوى السادس:

ويتناول (الزواج والطلاق بين الفقه والقانون، الإرشاد الأسري)، وفيه تفصيل للأحكام القانونية والشرعية المتعلقة بالأسرة، كالكفاءة، والباءة، والأحكام الشرعية التفصيلية الخاصة بالخطبة، والعقد، والعرس، والنفقات...، وفيه يتأهل من التحق بالمستويات الخمس لحمل حقيبة المشروع وخوض مجاله، فيقدم له ما يحتاجه من برنامج تدريب المدربين، ومهارات الإرشاد الأسري تقديم الاستشارات (الإلكترونية، والهاتفية، وبالمقابلة)، كما يتم توصيل الطلاب فيما بينهم ليفيدوا من خبرات بعضهم، ويتكاملوا في أدائهم.

 

قيم الأكاديمية:

لا بد لهذا المشروع من تحديد مجموعة القيم التي سينطلق منها في عملية التأهيل الأسري، لتكون بمنزلة بوصلة يستعين بها في مسيره ومشعل يستضيء به في ثنايا نشاطاته، خاصة مع امتداد رقعته على مجتمعات مختلفة.

ومن هذه القيم: الإيجابية، الوقائية، الواقعية، الخصوصية، المرونة... ولهذه القيم تنزيلات تفصيلية على واقع التأهيل.

 

هذا مختصر للاقتراح العملي، وأنا مستعد لأي إضافة أو بيان متعلق به، ولن أدّخر جهداً ولا آلو اجتهاداً في ذلك.

 

*       *      *