(720) ساعة هي رمضان كاملاً، ستفطر ثلثها (240 ساعة)، وتصوم ثلثيها (480 ساعة)..

إذا كان عملك (8) ساعات، فسوف يذهب من رمضان (168) ساعة -بعد حذف أيام الإجازات نهاية الأسبوع-، وإذا كنت تنام (8) ساعات فسوف يذهب منه (240) ساعة أخرى، وإذا كنت تأكل في نصف ساعة فسوف يذهب من رمضان (30) ساعة لفطورك وسحورك...

مجموع ذلك (438) ساعة، يعني أنه ذهب قريباً من ثلثي رمضان في العمل والنوم والطعام، وتبقى مهمتك هي التخلص من الثلث الباقي..!

 

حقيقة لقد انتهى رمضان قبل أن يبدأ، استهلكه الروتين والحاجات الطبيعية، جاء وذهب.. لم تستفد منه.. لقد مرت أيامه سريعاً، لم نشعر به، ولم نشعر بالتغيير الذي تركه.. وهكذا الحال كل سنة.

ربما.. لأن الظرف العام لم يعُد كما كان، فالغربة والحرب والتقشف والفقد والهموم اليومية والمسؤوليات والأعمال... غيَّرَت وجه رمضان!

ربما.. لأن رمضان هو الذي تغيَّر.. لم يعُد يأتِ بالوجه نفسه الذي كان يأتينا به من قبل، ولا الجو الرمضاني الذي يصاحبه هو الجو نفسه الذي كان يرافقه من قبل!

ربما.. كان رمضان الشتاء أجمل من رمضان الصيف، كان الليل الطويل يحمل الزيارات والسهرات والنشاطات.. لكن رمضان الصيف ليس كذلك!!

ربما.. لأننا كبرنا، أو لأن رمضان في الوطن كان أجمل، أو ربما وربما..

أعذار كثيرة نسمعها، نعيشها، ترافقنا ونرافقها.. تموت بعد رمضان، وتعيش قبل رمضان الذي يليه، وتسير معه.. لتكون -وفي كل عام- نفس القبر الذي ندفن فيه هذا الشهر المسكين!

 

لذلك سأوفر عليك الجهد، وأقدم لك -أخي القارئ- سبع طرق تقتل من خلالها هذا الشهر الكريم بشكل أكثر احترافية وأنت مرتاح الضمير، هي بمثابة أكثر من قبر يمكنك أن تستفيد منه، بهدف التخلص من عناء متابعة الضمير التي تعانيها بعد كل رمضان.

 

1) ضع أهدافاً عامة:

الهدف العام يضيع الجهود، يحيط الرؤيا بهالة فظيعة من الضبابية، أما البرنامج المحدد في رمضان، الذي يحوي أعمالاً موزعة بحسب النشاط والقدرات الذهنية، على أوقات مقسَّمة بانتظام، مملوء كل قسم منها بأفضل ما يمكن وأقصى ما يُستَطاع، يستشير صاحبه ليتأكد من صحة برنامجه، وشموليته على (عبادات - علم - عمل - صِلات اجتماعية - أعمال خيرية...)، ويقف آخر كل يوم، يقيِّم أداءه ونتائجه، ويمنح نفسه درجته وعلامته، ثم يقف على رأس كل عشرٍ من رمضان، يتأكد من المحصلة والزاد ويتفقد الخسائر، ويستدرك ما فاته من العشر الماضي في العشر التالي، مع الاستعانة بالورقة والقلم في تدوين أعماله وطاعاته، ويستغفر عما فاته، ويتوب مما أصابه... هذا البرنامج المملّ الثقيل لن يضيع رمضان، ليس كفيلاً بقتله على الإطلاق! وإذا أردت التخلص من رمضان بضمير مرتاح فضع برنامجاً عاماً، يحمل أمنياتك ولا تحمل عبء متابعته، وسيمضي رمضان وضميرك مرتاح! جربها وادعُ لي :) 

 

2) استهلك أيامك الأولى:

البدايات المحرقة تعني نهايات مشرقة، لذلك احذر من الأيام الأولى في رمضان، حاول أن تلتفت فيها إلى حاجات نفسك -كالعادة-، تتسخط فيها من تغيُّر نظامك الغذائي -كالعادة-، تحاول فيها التوازن للتخلص من آثار التغيير العجيب الذي تحمله الأيام الأولى من رمضان -كالعادة-...

هذه الأيام محورية، فمن التزم فيها مسجداً فيه إمامٌ حسَن الصوت، وشقَّ فيها طريقاً لقراءة القرآن، وراجع باب أحكام الصيام في كتب الفقه، وابتدأ فيها الصدقات المنظمة والأعمال الخيرية والتطوعية النافعة... لن يستطيع الالتفات عن هذا النشاط حتى آخر الشهر، سيمنعه طِيب مذاقه من التراجع، ستمنعه لذة الطاعة من ذلك، سيمنعه القرب من الهدف والشعور بالإنجاز، فصاحب الهمة في رمضان سرعان ما يصل لمطلوبه، ما سَلِم من العقبات، وعلى من أراد قتل الشهر أن يتجنب الوقوع في مثل هذا الخطأ.

 

3) ابحث عن صاحب كسول

الصاحب الكسول أحد كلمات السر الناجعة لمن أراد أن يقتل رمضان، فالصاحب النشيط المتمسِّك بفعل الخيرات والمسابقة إلى الطاعات سيعكر عليه ذلك، الصاحب النشيط يأبى التخلي عن مطالبه العالية التي وضعها أول الطريق، فالخشية من التراجع عن الهدف ترافقه سائر الشهر، حتى يثق بالوصول إلى الهدف، ويعد العدَّة لعقبات الطريق فيجتازها.  

هذا الصاحب سيدفعك بطريقة أو بأخرى إلى المضي معه في ذات الطريق، وما لم تحذره وتبحث عن صاحب كسول تعلق فشلك عليه لن تستطيع التخلص من رمضان على الوجه الصحيح.

 

4) تابع الأعمال الفنية والدرامية

وهذه فيها أكثر من فائدة: فأهم هذه الأعمال يكون -غالباً- في وقت التراويح، ومتابعة عدد منها يضمن لك السهر الطويل، ويملأ عليك الليل لتنام في النهار قرير العين، ناهيك أن المشاهد والعورات التي تحويها هذه البرامج والمسلسلات وما يرافقها من القعود عن الطاعات يتيح لك فرصة التخلص من حسنات الصيام بسلام.

 

 

ولكن.. لا تنسَ أن تتابع شيئاً من البرامج الإسلامية، ليرتاح الضمير وتهدأ النفس ويتوفر العذر المقبول أمام الأهل والأصدقاء.

 

5) ضع "سوف" في قاموسك الرمضاني

لو كان للفشل راية لكُتِب عليها "سوف"! في بداية رمضان سوِّف.. فالشهر طويل، مع نهاية العشر الأول استرخِ في العشر الثاني استعداداً للعشر الثالث الذي فيه ليلة القدر، في مطلع العشر الأخير استرخِ أيضاً فليلة القدر تكفيك، وفي ليلة القدر إياك أن تفوت على نفسك التسوق للعيد! ورمضان القادم فيه خير وبركة إن شاء الله!

 

6) كُل بنَهَم.

لا بد أن تنتقم من نهار الصوم الطويل، واحذر أن تعطي جسدك وقتاً ليشبع، يكفي أنك أعطيتَه وقتاً ليجوع!

هذا، وإن زيادة الحمولة من الطعام والشراب تُثقلك عن البرنامج الليلي، وتمدك بالعذر المقبول أمام ضميرك لتتغيب عن صلاة التراويح وتتابع التلفاز، وتنام عن الفجر إلى ما بعد العصر، ناهيك عن احتمالية وقوع الأمراض التي قد توفر عليك صيام عدد من الأيام في هذا الصيف المحرِق، لتقضيها في الشتاء الجميل، حيث يكون النهار أقصر، لا تشعر بالجوع ولا بالعطش.

 

7) انتظر من رمضان أن يغيرك

عليك أن تؤمن بأن مجرد دخول رمضان سيغيرك، سيأخذ سن الـ... ويعطيك سن الغزال -كما كنا نأمل من "الحيط" في زمن مضى-، دقائقه ساعاته أيامه لياليه.. لها مفعول سحري، سيقلبك رأساً على عقب، وما عليك إلا الاستسلام، الانتظار، المتابعة بشغف كما يفعل أكثر من مليار مسلم كل عام.

هذه الخطوات السبعة -برأيي- كفيلة للتخلص من رمضان على الشكل الصحيح، إن أردت ذلك فما عليك إلا التزامها!

مرحباً بالإضافات المفيدة أدناه smiley