أطول قسم في القران الكريم وقع في قصار السور، حوى أعظم آيات الله الكونية، وأعظم مخلوقاته المرئية..
احسب معي..
- {وَالشَّمْسِ}
- {وَضُحَاهَا}، أي: ضوؤها، أو النهار بعدها.
- {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا}، أي: تبِعها.
- {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا}، أي: أوضح الأرض وبيّن ما فيها.
- {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا}، أي غطى الشمس فأظلمت الآفاق.
- {وَالسَّمَاءِ}
- {وَمَا بَنَاهَا} يحتمل أن تكون "ما" هاهنا مصدرية، بمعنى: والسماء وبنائها، ويحتمل أن تكون بمعنى "من" يعني: والسماء وبانيها سبحانه وتعالى.
- {وَالْأَرْضِ}
- {وَمَا طَحَاهَا}، أي: بسطها، وخلق فيها ما خلق.
- {وَنَفْسٍ}
- {وَمَا سَوَّاهَا} خلقها سويّة مستقيمة على الفطرة القويمة، {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}، أي: بين لها الفجور والتقوى، وهداها إلى ما قدر لها. [ابن كثير]
ماذا تريد أن تقول لنا يا رب بعد كل هذه الأيمان؟
جواب القسم كلمتان: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 1 - 10]
أُقسم وأُقسم وأُقسم.. أحد عشر قسماً أن من زكى نفسه سيُفلح، سيفوز بمسعاه، سيحقق نتيجة ولو بعد حين، سينجو من شر نفسه، وسيوظف طاقتها في الخير، ليأتي يوم القيامة من الفائزين..
في آية أخرى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]..
وفي مطلع سورة المؤمنون أحد عشر آية تتحدث عن "فلاح" المؤمنين.. {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 1 - 11]
في سورة الشمس أحد عشر قسماً.. وهاهنا أحد عشر آية.. وكل هذه الصفات في مطلع سورة المؤمنون ترجع إلى تزكية النفس وتصب فيها.. وكأن في ذلك إشارة إلى أنك لن تكون مؤمناً حتى تزكي نفسك!
الفلاح أعظم من النجاح، يتميز عليه - بعد الفوز - بالبقاء والدوام، بالظفر بالخير، والنجاة من الشر.
النجاح دنيوي، والفلاح دنيوي وأخروي.
تزكية النفس فلاح دنيوي، لأنه يعني: الانتصار على المخاوف والأطماع.. الانتصار على الحقد والحسد.. على الغل والبخل.. الانتصار على ردود الأفعال التي لا تليق، والتطلعات التي لا تحلُّ ولا تجمُل..
وفلاح أخروي.. إذ ينال جزاء تزكيته نفسه بتطهيرها من المعاصي وإصلاحها من الشوائب وتزيينها بصالحات العمل، وينال قرب ربه الذي أعانه على تزكية نفسه ونمائها بأمان، ثم طيَّبَها له في الآخرة وأسعده بها.
بالمقابل: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} أقسم لك أحد عشر مرة بأعظم ما يُقسَم به، أنه فشل في المسعى وأخطأ المقصد، وأضل الطريق.. حتى وجد نفسه خاملةَ الذكر وضيعةَ القدر متدنّية الرتبة!
خاب من تبع نفسه واستسلم لغوايتها حتى ترك الطاعة وركب المعاصي، فحاصرته ذنوبه {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} [البقرة: 81].
حتى إذا جاء ربه قال {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا}، أي لذاتنا وشهواتنا {وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ} [المؤمنون: 106]، إنه مقتنع تماماً بأنه كان مغلوباً على أمره، مقهوراً أمام هواه، مهزوماً أمام نفسه، منقاداً وراء شهوته..
ختاماً.. ثمة بين الفلاح وبين الخيبة آلاف الدرجات، فمن جد الخطى نحو العلا أعانه الله على ما بقي من الطريق، ومن تراخى واستسلم كان لكل سيئة عنده أخوات حتى ترديه، وكل إنسان على نفسه بصيرة...