في الحياة الزوجية هناك مشكلة قديمة متجددة، وهي مشكلة الروتين بين الزوجين، هذا الذي يسبب الفتور العاطفي والجنسي، والخرس الزوجي أو الصمت بين الأزواج، وما إلى ذلك من الأمراض السلوكية الأسرية التي تتطور حتى تصل إلى الطلاق المعنوي أو الطلاق الحقيقي أحياناً.
ذكرى الزواج مناسبة أحييها من السنة الأولى لزواجي، وقد لمست لها مع السنين أثراً إيجابياً كبيراً، طبعاً لا نعدُّها عيداً حتى لا ندخل في إشكال شرعي، إنما هي ذكرى جميلة، وليلة مناسِبة جداً لكسر الروتين، وتجديد الحياة الزوجية، ومعالجة القضايا العالقة - ولو جزئياً - ومناقشة القضايا الشائكة، وإن كان معظم الأزواج يمرون عليها مروراً عابراً، في حين أن الوقوف عند هذا اليوم له أثر بالغ الأهمية في نفوس الزوجات.
ربما أجمل يوم نعيشه في الحياة هو يوم العرس، على الأغلب لا يمكن لنا أن نعيد ما كان فيه ولو بزواج آخر حقيقي، لكن يمكننا أن نعيش مختصر عنه، نتنفس ذكرياته ونحيي مشاعره وتفاصيله في يوم ذكراه كل عام.
من الجيد أن يخصص الزوجان ليوم ذكرى الزواج ميزانية مستقلة، يدّخرا له مبكراً، يخططا لتفاصيله قبل مدة جيدة...؛ يحددان فيه:
- كيف سيتجهزان: طبعاً لا يخلو هذا اليوم من موعد عند الحلاق، وتأخذ الزوجة - أيضاً - موعداً في صالون الحلاقة النسائية لتصفيف شعرها، فتغير شكله أو لونه أو قَصته..
من الضروري إطفاء الجوالات، والانقطاع عن حياة العمل والالتزامات والصِّلات الاجتماعية، فهذا يوم خاص جداً، والاهتمام فيه موجه تجاه الأسرة الصغيرة فقط، ويمكن استخدام كاميرا الجوال فقط لتوثيق اللحظات.
- ماذا سيأكلان؟ ليكن الغداء مختلفاً.. طعام مناسبة لا طعام يوم عادي.. وممكن أن يكون خارج البيت - في مطعم مثلاً - وهي فكرة جيدة، ربما لا تختلف تكلفتها عن صناعة الطعام الجيد في البيت، لكن طعام البيت يملأ برنامج اليوم، وهو يُتعِب الزوجة عن حفلها المسائي، وربما يملأ البيت ببخار الطعام، على كل حال: كل من الخيارين له إيجابيات وسلبيات، ويمكن التناوب بينهما أو تحديد أحدهما حسب راحة الزوجين.
كما سيكون الطعام مضمناً بعض الفاكهة، والحلويات، والعصائر المتنوعة، غير التي اعتاداها خلال العام.
- ماذا سيلبسان؟ إذا كانت الزوجة ما تزال محافظة على وزنها - وهذا نادر - فمن الجيد أن تلبس فستان عرسها، وكذلك الزوج، لكن على الأغلب ستكون الزوجة قد زادت في الميزان بعد الزواج، ويكون الزوج - أيضاً - قد زاد على مستوى البطن "الكرش"، وربما الأنف أيضاً
، لكن لهذه القاعدة استثناءات.
- أين سيخرجان؟ ممكن أن يكون الخروج فقط للغداء، ولا يكون اليوم متعباً، أو يكون الغداء في مكان يجمع بين الطعام والنزهة، وهذا النشاط طبعاً يفرض على الزوج أن يأخذ فيه إجازة من عمله، وإن استطاع أن يجعلها يومين فحسن، حتى يسهر براحته مع زوجته.
- ما هي الهدايا: في هذا اليوم أحضرا الورد، جدّدا لباسكما الذي اعتدتماه، تهاديا العطر، وإن كانت الهدية مميزة فهو أفضل، يتم الادخار لها ولو لأشهر، وربما الأفضل أن تكون الهدية شيئاً مما يحتاجه الطرف الآخر، فقد يذكر الزوج لزوجته احتياجه لشيءٍ ما، كجهاز محمول، مكتبة، حذاء، ساعة... وتذكر الزوجة أيضاً ذلك للزوج خلال العام، فيلتقط كل منهما رغبة الآخر ويحاول تلبيتها في ذكرى الزواج..
ماذا عن الأولاد؟
إن كان ثمة أولاد فلا تفكرا بالتخلص منهم ، أو إرسالهم إلى بيت جدهم ليمضون يوماً ممتعاً
، بل يشاركون في الاحتفال لأنها مناسبة عائلية، وتخصَّص لهم هدايا - أيضاً - لتشعرهم بتميز اليوم الذي نشأت فيه هذه الأسرة، وتؤهلهم ليكونوا مصدر التمويل لحفلاتنا بعد سن التقاعد.
بعد أن تحتفلوا بالذكرى ويتم إطفاء الشموع وتأكلوا الحلوى وتكتفوا من المباسطة والممازحة في البيت، يتم ختام الحفل مع الأولاد بركعتين شكراً لله واستشعاراً لفضله أن سلَّمكم، أن كفاكم، أن رزقكم، أن عافاكم... أن ألقى بالمودة والرحمة بينكم.
القسم الثاني من الاحتفال:
بعد الاحتفال ينتقل الزوجان وحدهما إلى القسم الثاني من الاحتفال.. حيث تبقيان وحيدين.. تجلسان كجلستكما في لحظاتكما الأولى، تتذاكران دقائق العرس وأجمل ما مرّ فيه، وخفايا كواليسه "اللطيفة" فقط، تحييان فيه تلك الذكريات الجميلة، فتحيا معها المشاعر، وتتجدد بها العواطف..
بعد ذلك يمكن أن ينتقل الحديث إلى ساحة الجد، إلى ضبط بوصلة البيت ومسار الحياة، فيتحدث الزوجان عما يجب أن يكون في البيت، وما يجب أن لا يكون.. ما ينبغي أن يتغير، وما يجب أن يتطور... وما أحسنا، وما أخطآ، وما أفضل المواقف التي وقعت خلال العام، وبم تغيرا خلال العام.
أقول: قد يتحفظ بعضهم على أن هذا اليوم هو يوم احتفال وليس يوم فتح الخلافات والمشكلات!
الجواب: أرى بأن الحالة النفسية وجمال الذكرى يخلق نوعاً من الارتياح النفسي والاشتياق القلبي - خاصة إن سبقه انقطاع عن العلاقة الزوجية لأيام -، بحيث يكون هذا الحال أرضية جيدة لتفكيك القضايا العالقة وعلاج المشكلات التي طال السكوت عنها ولم نجد فرصة لمناقشتها خلال العام، وهذا الظرف مناسب لطرح حلول جديدة وقبول شيء من التنازل المشترك ووضع النقاط على الحروف بشكل إيجابي.
ختاماً..
خذا وقتكما من السهر معاً.. تذكرا بأن واجب كل منكما إسعاد الآخر قبل أن تمضي الحياة وتنقضي بكما، ولكن..
أختي الزوجة الكريمة.. لا تحاسبيني إن أخذتِ بنصيحتي وحاولتِ صناعة شيء جيد يوم ذكرى زواجك ولكن زوجك لا يبالي!
أخي الزوج الكريم: لا تلقِ اللوم عليَّ وتصف اقتراحي بالفشل لأن أسرتك أخرجتك عن طورك في هذا اليوم وصار يوم إشكال بدل يوم احتفال!
فذكرى الزواج ثقافة مشتركة بين الزوجين، لا تنجح باهتمام أحدهما دون الآخر، فإن اهتما صارت ثقافة أسرية بينهما ومع أولادهما مستقبلاً، وفي هذا اليوم نحتاج إلى كثير من الحب، والهدوء وضبط الأعصاب، والمحافظة على وديّة الجو واستحضار أهمية المناسبة.
جربها كما قلت لك.. "وردَّ لي الخبر".